النداهة: أسطورة الرعب التي أرعبت ريف مصر لسنوات

النداهة: أسطورة الرعب التي أرعبت ريف مصر لسنوات
المؤلف Wajih Abdellaoui
تاريخ النشر
آخر تحديث

 في قلب الريف المصري، وبين الحقول الممتدة والمصارف المائية، تتردّد منذ عشرات السنين أسطورة مخيفة حيّرت الناس، ورسمت الرعب في قلوبهم… إنها النداهة.

اسمها وحده يكفي لجعل البعض يتردد في الخروج ليلًا، خاصةً بالقرب من الترع أو النهر.
النداهة ليست مجرد خرافة، بل قصة توارثها الأهالي جيلًا بعد جيل، وادّعى البعض أنه رآها أو سمع صوتها… فهل هي حقيقية؟ أم مجرد وهم جماعي متجذر في الخوف الشعبي؟


من هي النداهة؟

النداهة، كما يصفها أهل القرى، هي امرأة جميلة للغاية، تظهر في الحقول ليلاً، وتبدأ بالنداء على اسم شخص ما بصوت ناعم وساحر.
يخرج المنادى عليه دون وعي، وكأنه مسحور، ويتبع الصوت حتى يختفي… ولا يعود أبدًا.

وفي بعض الروايات، يُعثر على الشخص لاحقًا في حالة من الذهول أو الجنون، لا يتذكر شيئًا مما حدث.


أوصافها الغامضة

الناس يصفون النداهة بطرق مختلفة، لكنها غالبًا ما تُجمع على هذه الصفات:

  • طويلة القامة

  • شديدة الجمال

  • شعرها مبلّل أو مفرود

  • لا تظهر إلا لرجال محددين

  • صوتها هو سلاحها الحقيقي

ويُقال إنها لا تهاجم بشكل مباشر، بل تسحب الضحية بعقله، صوتها يدخل النفس ويُغلق كل منطق.


لماذا تظهر؟

تتعدد الروايات الشعبية حول سبب ظهور النداهة:

  • بعضهم يقول إنها جنيّة تعيش في الماء، تبحث عن رفيق بشري كل مئة عام.

  • وآخرون يرونها روح امرأة ماتت ظلمًا وتنتقم من الرجال.

  • وهناك من يربطها بمعتقدات أقدم، تتعلق بـ"أرواح الطبيعة" التي لا يجب الاقتراب منها أو إزعاجها.

في بعض القرى، يتجنّب الناس الذهاب إلى الحقول وحدهم بعد المغرب، وينصحون:

"إذا نادتك… لا ترد."


النداهة في الأدب والسينما

النداهة أصبحت مصدر إلهام في الأدب العربي الحديث.
كتب عنها الأديب الراحل أحمد خالد توفيق ضمن سلسلة "ما وراء الطبيعة"، وقدمها بصورة مزجت بين الخيال العلمي والرعب الشعبي.

كما تم إنتاج فيلم مصري بعنوان "النداهة" عام 1975 من بطولة شادية وصلاح قابيل، أعاد فيها تقديم الأسطورة بشكل درامي غامض.


الحقيقة أم خرافة؟

رغم أن القصة تبدو خيالية، إلا أن تأثيرها النفسي واقعي للغاية.
ففي بعض الحالات، يمكن تفسير الظاهرة بأنها هلوسة سمعية أو حالات من التنويم المغناطيسي الذاتي تحت تأثير الخوف أو الوحدة في الليل.

لكن السؤال الأهم يبقى:
لماذا تتكرر نفس التفاصيل في مناطق متفرقة؟
ولماذا يشعر البعض أنهم "سُمع صوتهم يُنادى" فعلاً؟


الخاتمة

أسطورة النداهة ليست مجرد حكاية تُروى قبل النوم، بل جزء من التراث الشعبي العربي الذي يخلط بين الخيال والواقع، بين الموروث والخوف الفطري من المجهول.

سواء كنت تؤمن بها أو لا، تبقى النداهة واحدة من أكثر القصص العربية تشويقًا وغموضًا…
وإذا سمعت يومًا أحدهم ينادي اسمك ليلًا في مكان خالٍ…
فكّر مرتين قبل أن ترد.

تعليقات

عدد التعليقات : 0